العلاقة بين القلب والعقل
العلاقة بين القلب والعقل
الجمعة 20/1/2006
هل القلب يُفكر؟! هل قراراتنا في الحياة تنبعث من القلب أم من العقل أولا، أم أنها علاقة متشابكة؟! من الذي يُؤثر على مساراتنا في الحياة، القلب أم العقل؟! لماذا سُمي الإنسان إنسانا لو أخضعنا كل مواقفنا في الحياة لمنطق العقل والأعراف الاجتماعية؟! أليس في تلجيم عواطفنا، تجنٍّ على آدميتنا، وتعدٍ على مشاعرنا الفطرية؟! وإذا أقصينا العقل من محور تفكيرنا، ألا يُعتبر هذا انتقاصا لإنسانيتنا التي تميزنا عن سائر كائنات الأرض؟!.
الحياة مليئة بقصص الحب الخالدة لقياصرة وملوك ألقوا عروشهم، وتنازلوا عن حقوقهم، ورموا بكل ما لديهم من غال ونفيس خلفهم، ليهرعوا نحو من شغفت أفئدتهم بهن· وهناك حكايات عديدة لأبطال غيروا تاريخ بلادهم، وقلبوا صفحات مجتمعاتهم، لكنهم وقفوا عاجزين أمام نبضات قلوبهم تجاه من أحبوا· وقد نتساءل بحيرة·· ما هذا النداء السحري الذي يدفع المرء مهما كانت مكانته إلى الانسياق خلف من هوى دون تفكير في العواقب!!.
معظمنا جلس مشدوهاً أمام شاشات التلفاز، عندما نقلت حفل زفاف ولي عهد بريطانيا تشارلز على حبيبته كاميلا، مُدققا في ملامح هذه المرأة التي تجاوزت الستين، وغابت ملامح شبابها، مع هذا ظل هذا الرجل لسنوات طويلة، متمسكا بها، بالرغم من كم الانتقادات التي نالته بعد أن تمَّ طلاقه من ديانا ومقتلها، مما دفعني إلى ترديد القول بأن الحب فعلا يصنع المعجزات، وأن الإنسان مهما بلغت قوته سيظل يقف عاجزا أمام ”كيوبيد” الحب، ذلك الشعار الذي يُطلقونه في الأدب الأغريقي القديم·
يرى بعض العلماء أن هناك علاقة قوية بين القلب والعقل، وقد أكدها العالم بول بيرسال مؤلف كتاب ”شفرة القلب” الذي قام بأبحاث على حالات كثيرة، لأناس تمت زراعة قلب لهم وتغيّرت سلوكياتهم إلى سلوكيات أصحاب القلوب المتوفاة، معتبرا أن هذا دليل قوي على أن كلا من القلب والمخ يؤثر في الآخر· وأن هذا يظهر جليا كذلك عندما يتلاقى شخصان لأول مرة، فيرسل قلب أحدهما موجات لمخ الآخر فيقع الطرفان في حب بعضهما بعضا·
واحدة من صاحباتي علّقت ضاحكة بأن هذا يعني أن على كل زوجة أن تُحصّن مخ زوجها حتّى لا تُرسل امرأة إشارات من قلبها لتنبه مخه لوجودها وتسقطه في حبائلها، مما يعني أنها طرق جهنمية لا يمكن أن تخُضع للمراقبة حتّى وإن أوكلت المهمة لجهاز الاستخبارات ..F B I
قال أجدادنا قديما في أمثالهم الشعبية ”القلب وما يريد”، قبل أن يُطلق العلماء نتائج بحوثهم· لكن إذا كان القلب هو الذي يُحدد شريك العمر، من خلال الإشارات التي ترسلها القلوب للعقول، ألا يعني هذا الأمر أن الإنسان كذلك لا يمكن أن يستغني عن عقله حين يُحدد مواقفه في الحياة، وفي نفس الوقت لا يستطيع أن يصم أذنيه عن نبضات قلبه!!.
سيظل الجسد البشري معجزة الله على الأرض إلى أن يرثها ومن عليها، ومن هنا إلى أن تحين الساعة، لنوازن بين قلوبنا وعقولنا، ونجعلهما سويا البوصلة التي توجهنا حين نقف أمام اختياراتنا في الحياة، وألا نسعى لرمي آدميتنا من علو شاهق دون رحمة، أو نكون مثل تماثيل الشمع المعروضة التي لا روح فيها، فجميل أحيانا أن نتعامل بفطريتنا دون أن نوصل شراييننا بأجهزة الريموت كونترول التي اجتاحت دروبنا·