إيقاعات أنثوية
إيقاعات أنثوية
على مقاعد الدراسة
كل أنواع المراوغة
وكل صنوف التدليس
في حصص الأدب
حفظنا قصائد الغزل
لكن مع وقف التنفيذ
الناس يتغنّون بها
داخل الحجرات المغلقة
وفي الجهر يلعنونها
ويعتبرونها من الأمور المحرّمة
وفي حصص التاريخ
قرأنا عن البطولات العنترية
ودرسنا الكثير عن الحضارة الأندلسية
وقصص عديدة عن الوحدة العربية
لكنّها في الحقيقة
ظلّت حبراً على ورق
وفي حصص الجغرافيا
علّمونا كيف كنّا
أرضاً شاسعة
خصبة التربة
وكيف حوّلنا الاستعمار
إلى فرق متناحرة
وقطع متناثرة
أحاطها بأسلاك وهمية شائكة
سألتُ يوماً معلّمتي
عن معنى كلمة حرية
أمرتني أن أُحسن فنَّ الكلام
وأن لا أتخطّى حدود الأدب
سألتها بشغف..
ماذا عن الولاّدة بنت المستكفي
قالت .. كانت إمرأة عاهرة
تتباهى في أشعارها
بأعداد عُشّاقها
قلت .. لكن أستاذتي
الشعراء أيضاً شيّدوا أمجادهم
على رفات النساء
لماذا هناك خطوط حمراء
بين الرجل والمرأة ؟!
قالت .. إخرسي
أنتِ فتاة عديمة التربية
أجبتها أنا إنسانة
لي قلب وعقل ولسان
ردّت بحنق
أنت بالفعل صبية متمرّدة
إذا أردتِ أن تسلمي
أن تعيشي عيشة رضية
ولا تخضعي للإقامة الجبرية
تعلّمي عادة شرقية
إسألي مرآتك
زوايا غرفتك
أوراقك
أقلامك
أتقني حكمة الصمت
أحسني نبرة الإزدواجية
فالكل هنا
يُجيد ارتداء الأقنعة
إسمعي ولو مرة نصيحتي
لا تجعلي نفسك ضحية
ففي أقطارك العربية
كل من نادى بالقومية
حكم علية بالخيانة الوطنية
وكل من جاهر بآرائه
أطلق علية إرهابيّاً!
﴿﴾
جميل أن نحيا
قرّرتُ شرب فنجان قهوتي معك
وتجميد قيودي الإجتماعية
ارتديتُ ثوباً أنثويّاُ
نثرتُ على جسدي عطري المميّز
قيّدتُ عقلي في زنزانة منفردة
حتّى يكفَّ عن وعظي
عزمتُ قضاء بعض الوقت معك
دون تعليمات رجعية
جميل أن نحيا أحياناً
بلا أوامر إلزامية
عندما عُدت لغرفتي
وقفتُ أمام مرآتي
هالني مظهري
الملامح نضرة
الشعر متوهّج
القلب يرقص طرباً
على إيقاعات شرقية
احتارت نفسي
أكلَّ هذا بسبب جرعة حب خاطفة ؟!
أم نحن النساء
كالأطفال الأبرياء
تطربنا كلمات حانية
حتى لو كانت خاوية ..؟!
﴿﴾
علّموني في صغري
علّموني في صغري أن أكون أنثى
مجرّد أنثى
أرضعتني أمّي الخنوع
أفهمتني أنّ ظلّ رجل
أرحم من ظلّ حائط
وأنّ فروسية الرجل
وفيرة في هذا الزمان
كبرتُ وتعاليم الوهم
متربّعة على عرش قلبي
لم تدرِ أمّي
أنّ القدر نسج في غياهبه الكثير
يوم التقيتك
طبّقت وصايا أمّي بحذافيرها
جعلتك الآمر الناهي
على أمور عمري
وصاحب مفتاح القرار
متى تفتح الباب على مصراعيه
وأنّى توصده في وجهي
مترقّبة زحف الوقت
لأمسك بيدي
خيوط فجر جديد
تُغرّد في سمائه عصافيري
المأخوذة بلذّة الإنصهار
والمنساقة خلف عطش الإلتحام
أهرع بلا وعي لدولابي
أبعثر ملابسي على سريري
أمسك بفستاني الأسود .. وفستاني الأحمر
أحتار بينهما
أعرف عشقك للونين
أرتدي إحداهما بنشوة الأطفال
الحالمين برحلة خرافية
من مغامرات سندباد البحرية
آه يا أمّي
لماذا لم تُنبّهيني
أنّ ظلّ حائط في بعض الأحيان
حماية من ظلِّ شهرياري
يستبيح عواطفي متى يريد
ويهدر دمي متى عاف رائحتي.
﴿﴾
يا أميرة العشق
أحلم دخول التاريخ
من بوّابة إمرأة مروّعة
تضوي نظراتها
ببريق أخّاذ
أمحو بها ندوب النساء
من أفنية ذكرياتي
صعب يا أميرة العشق
في أزمنة الهوى البليدة
والوجبات ” المعلّبة ”
والمشاعر “المفخخة”
أن لا تُصاب آمالنا
بالعفن
أن لا تُغتال ضمائرنا
بالعطب
لم يعد هناك وقت
لقرارات الأنّات العتيقة
أضحت حكاوي
الحب المعتوهة
أضحوكة تاريخية
مهزلة زمنية
في عصر “البرمجة” العاطفيّة
و”فترينات” المجون
وهز الوسط
وحسر الثوب
عن السيقان المرمرية
أأعيد الدرس عليك
أم فهمت
مغزى أحرفي النارية؟!
آه سيدتي
كم أتمنى أن ألتقي
أنثى نهرية
تسكب عطاءها
في دروب عمري الشقية
تُغيّر مسامات جلدي المهترىء
من صدحات البشر “النشازية”
آه سيدتي
كم أحن لامراة فلكية
تعيد لي طفولتي الندية.
﴿﴾
هذيان!!
هذا المساء..
تمرّدت على وتيرة عاداتي
أطفأت “أباجورة” غرفتي
رميت رأسي الصغير
بين أحضان وسادتي
أغمدت ريشة مشاعري
في دواة أفكاري
أدرتُ موسيقى “تايتانيك”
هيّأت نفسي
للتحاور مع خلجاتي
في حديث هامس
هذا المساء
اشتهيت المسامرة
مع أرضية ذكورية
في ممارسة فطريتي
على أرصفة الهوى
أذبت أسوار جمودي
أرهفت السمع
لعربدة الليل الثمل
الصارخ ضجراً
من حرمان الصمت.
قهقهت بملء حواسي
تسلّلتُ بخفّة
من طوق عقلي
فيضان الأنثى
يتدفّق دافئاً
في شرايين جسدي
استرقت النظر
من ثقوب أناتي
إلى وميض ملامحي
جذبت خصلات شعري
سحقتها بين أناملي
أفقت من ضجيج تأمّلاتي
دارت عيناي
في جدار العتمة
صفعتني سياط الوحدة
هزّتني وحشة المكان
طويت جلدي
تحت الفراش
محاولة التملّص
من فحيح ذكرياتي.
﴿﴾
ابحث عن أنثى غيري
كتبتُ بأصابع مرتجفة
رسائل فاكس عاجلة
إلى زمرة الساذجين
وعلّقت على مدخل بيتي
ياقوتة كبيرة
أعلن فيها بدء المزاد
من يشتري حبّاً وهمياً؟؟
من يدفع ثمناً بخساً
مقابل هوى شائخ
سبته غزوات الأيام.
جمّعت في لحظة جنون
أعقاب سجائرك
أدوات حلاقتك
رسائلك
طويتها في حصيرة الأيام
ألقيتها في بئر القطيعة
عندما يفترش الليل سريري
يُباغتني سيل ذكرياتي
يُعاودني الحنين
أراقب بأسي
دبيب الماضي
على سطح أفكاري
أحسّ بوقع خطوات الغرباء
تصلني همساتهم
كيف تعرض المجنونة
أدوات حبّها للبيع؟؟
أصمّ أذنيّ
أغلق شرفة عذابي
أُرتّق جراحي
لا يدرون أنّ هواي
أضحى طفلاً مشاغباً
أنّ ذبذبات مشاعري
تحوّلت لمرثية جنائزية
ترفض قانون الإنصياع
أنّي أعلنتُ بيني وبين نفسي
مولد حواء جديدة
لم تعُد تُغريها
لوحاتك السوريالية
لم تعُد تستهويها
خطوط أيامك المتعرّجة
انتهت يا شريكي لعبة المصيدة
لن أكون بعد اليوم إمرأة إنهزامية
سئمتُ الأدوار الإستسلامية
إبحث عن أنثى غيري
سهل عبورها .
﴿﴾
أحلم بصبغة حضارية
طوّقت رأسي بذراعيَّ
أغلقت عينيَّ
غُصت بأفكاري
في عقدة علاقتنا
كم أحلم يا رجل
أن تعاملني بصبغة حضارية
أكره تعدّدية الحب فيك
أمقُت إزدواجية العشق
اللصيقة بشخصك
آه يا رجل
كم أود تحريرك
من عُقد الجاهلية
سئمت التسكع في ردهات الخوف
مشاركتك ألاعيبك البهلوانية
مللت خنوعي المصطنع
أعطني فرصة واحدة
أظهر لك مزاياي الفكرية
امنحني ثقتك
كم أود قلع جذورك السادية
حائرة أنا
هناك ألف سؤال وسؤال
يعبث في خاطري
لماذا تعاملني بروح مزاجية
تنساني في وهج النهار
وتشتاق لأنفاسي
في عتمة الليل؟
لماذا تحتمي في الظل
وتترك شمس الخذلان تحرقني؟
كم أود أن أكون رفيقة حقيقة
وليست دمية بلاستيكية
تعرضها في واجهة حانوتك
مع ضحاياك الشمعية
حاول يا رجل
أن تدرس هويتي
أن تحل طلاسم شخصيتي
قف بجواري
ضع يدك في يدي
لأحطم معاقل عبوديتي
حاول ولو مرة
محاورتي بنكهة ليبرالية.
﴿﴾
إعترافات امرأة شرقية
أظلُّ إمرأة شرقية
أُلقي خمار حيائي على وجهي
إذا نطقتُ حروف اسمك
وأغضُّ طرفي
كلما غُصتَ بنظراتك
في تربة أنوثتي
أظلُّ إمرأة شرقية
أدفن رأسي بين راحتيَّ
كلّما داعبت أشواقك
مكامن براكيني
طاوية لوعتي
بين طيّات ثوبي
وفي خبايا عقلي
أظلُّ إمرأة شرقية
أضمرُ هواي بين جوانحي
أتحرّقُ شغفاً
لمبادرة الوصال منكَ
حتى لا تنعتني
بالمرأة السهلة المنال
أظلُّ إمرأة شرقية
أدمنُ بجنون
همساتك الغزلية
وأبكي بحرقة
إذا قسوتَ على مشاعري
أو شرختَ مواثيقي
وأنزُّ ألماً
إذا هجرتَ عالمي
لاهياً بإحدى العابرات
أظلُّ إمرأة شرقية
أوصدُ الأبواب
بمزلاج عنادي
إذا قهرتَ كبريائي
أو استهنتَ بفكري
أو قارنتَ مفاتني
بأسراب النساء
الواقفات بكثرة على أرصفة الطرقات
أظلُّ إمرأة شرقية
أتعامل بحذر مع عروضك
الشمشونية
وأكبتُ بقسوة
سعير رغباتي
كلّما دغدغت بأناملك
مواطن أحاسيسي
وأخفي بجهد بسمتي
وأداري نشوتي
وأكبح لهفتي
وأراوغك بمكر
فأنا يا رجل
أظلُّ إمرأة شرقية.
···