الحب… أسطورة تُحكى
الحب… أسطورة تُحكى
الأحد 15/01/2012
كانت الحكومة البريطانيّة قد أفرجت منذ عقد من الزمن عن وثائق تُثبت بأن “الليدي واليس سمبسون” التي تنازل الملك “إدوارد الثامن” عن عرش بريطانيا من أجل سحر عينيها، على علاقة عاطفيّة سريّة بشاب يعمل في مجال هندسة الميكانيكا، معروف كمغامر، وجذّاب وراقص ماهر، وكانت تُغدق عليه الهدايا الثمينة ويتلقّى منها أموالاً كثيرة.
التاريخ سطّر عبر الأزمنة بأن الرجال لا يغفرون خطايا النساء. وحقيقة لا أعرف رد فعل الملك “إدوارد” لو كان على قيد الحياة واكتشف خداع المرأة التي أحبها من كل قلبه وتخلّى عن ملكه من أجل أن يبقى في دنياها، وأنها كانت زوجة خائنة لم تحفظ العهد ولم تُقدّر تضحيته الجليلة؟! مسكين الحب، كم من الجرائم تُرتكب باسمه، وكم من الخطايا تقع بسببه، بالرغم من أنه البلسم الذي يُطبب الأفئدة الموجوعة، ويُحبب الإنسان في الحياة كلما تطلّع أحدهم بشوق في وجه محبوبته.
التنازل عن المجد من أجل المحبوبة لم يقتصر على “إدوارد الثامن” وحبيبته الليدي سمبسون، فقد كشف أحد الباحثين المصريين المهتمين بتاريخ أسرة محمد علي التي حكمت مصر، والذي كان آخر سلالتها الملك فاروق، أن الأمير كمال الدين حسين ولي عهد مصر ابن السلطان حسين كامل قد تنازل عن العرش منذ ما يزيد على 95 عاماً من أجل سيدة فرنسية أحبها تُدعى “مدام فيال ديمنييه”.
أصابت كمال الدين حسين حينها جلطة في رجله وأضطّر إلى إجراء عملية جراحيّة خطيرة بها، وعلى الرغم من تحذيرات الأطباء بوجوب أن يخلد إلى الراحة، إلا أنه سافر إلى فرنسا وتزوج بالسيدة التي يحبها ومات بعد أربعة أشهر من وصوله هناك. وخلال هذه الفترة القصيرة حملت بولده الوحيد، حيث إنه لم يُنجب من زوجته الأولى “نعمة الله” ابنة الخديوي توفيق.
كانت السيدة الفرنسية قد طالبت الملك فؤاد عبر محاميها الفرنسي بإرثها وإرث ولدها، لكن الملك فؤاد رفض بشدة وأخبر المحامي بأنه لا يعترف بهذا النوع من الزواج ما دام لم يُقرّه البلاط الملكي.
قامت السيدة الفرنسية بعرض الخطابات التي كان يُرسلها لها الأمير كمال الدين والتي يُؤكد فيها تنازله عن العرش من أجلها. وفي واحدة من خطاباته المكتوبة باللغة الفرنسية، والتي قام بترجمتها الباحث المصري: ” إن والدي السلطان حسين كامل عرض عليّ اليوم أن أكون ولي عهده. . أي سخافة هذه! إن معنى ذلك أن أفقدك ولا أستطيع أن ألقاك كما أشاء وأين أشاء. حين قلتُ له “لا” ذُهل ولم يفهم لأنه لا أحد في الدنيا يُمكن أن يتخيّل أن حبّك عندي هو حلمي الوحيد في الحياة.”.
النساء عادة يهمن بسماع قصص الحب الأسطوريّة. وكل امرأة تحلم بفارس يأتيها على جواد أبيض وينتزعها من مخدعها ويُسابق بها الرياح ويأخذها بعيداً عن أعين الفضوليين صوب قصر الأحلام. لكن هذا النوع من قصص الحب تبخّر مع الهواتف النقالة التي غدت تُرافقنا في فراش نومنا، ومع كم الفضائيات التي تبثُّ كل ثانية فيديوهات مثيرة، وتهمس بنبرة تشفّي في أذن كل امرأة.. لا تنتظري الكثير من حبيبك فالمغريات كثيرة والجميع في سباق محموم ليلتهم ما لذ وطاب في وجبات سريعة!
مع هذا أؤمن بأن الحب الحقيقي موجود رغم كل المكائد التي تُحاك لاغتياله في وضح النهار. لا تبتئسوا.. الحب مثل شعاع الشمس يحتاجه النساء والرجال على حد سواء حتّى لا تبلى جلودهم، وإن ارتفعت حرارة الشمس عند الظهيرة ولفحت وجوههم!