المرأة… ضحية الحب
المرأة… ضحية الحب
الأحد 5/12/2010
يظلُّ الحب محور حياة المرأة مهما نجحت في حصد نجاحات مهنيّة متواصلة في حياتها، ومهما كان لها حضور أخّاذ في الحياة العامة، ومهما تمرّغت في نعيم الثراء. وللمفكر الفرنسي “جان جاك روسو” صاحب نظرية العقد الاجتماعي مقولة جميلة في الحب، حيث يرى بأن الرجل يحب ليسعد بالحياة، والمرأة تحيا لتسعد بالحب. وهذا القول يعني بأن الحب يظلُّ الساقية التي تدور حولها المرأة ليلًا ونهاراً، ولا تكلُّ ولا تملُّ من الغوص في تربتها وإن أدمت قدميها وأنهكت قواها، بل تظل سعيدة بشعاع الحب الذي يُضيء جوانب حياتها ويُدفئ فؤادها المتعطّش له.
في كل بقاع الأرض، هناك قصص مبهجة لنسوة لم يخذلهن الحب، بل ساعدهن رجال نبلاء على تخطّي الصعاب ومواجهة أقدار حياتهن ببسالة. تُقابلها على الجانب المعاكس الكثير من القصص المأساوية، كان الحب سبباً مباشراً في انحدارهن إلى الدرك الأسفل من الحياة! فكم من نساء يقبعن خلف القضبان بسبب تحملهنَّ قضايا نصب عن أزواجهنَّ الذين فرّوا بعيدا تاركين الزوجات خلفهم يتلقينَّ أحكاما قضائيّة بدلًا عنهم مصحوبة بوثائق طلاق أبديّة! وكم من نساء دفعهن رجالهنَّ إلى ارتكاب جرائم دموية مستغلين حبّهنَّ الجنوني لهم فسلمّنَ لهم رقابهنَّ!
منذ أيام قليلة، تمَّ في إيران تنفيذ حكم الإعدام شنقاً بالشابة “شهلا جاهد”، الزوجة الثانية للاعب المنتخب الوطني الإيراني السابق لكرة القدم “ناصر محمد خاني”، بعد أن اتهمتها السلطات بقتل الزوجة الأولى، التي عُثر عليها مقتولة بالسكين.
شهلا التي أحبت لاعب الكرة منذ أن كان عمرها ثلاثة عشر عاما، والتي رضيت أن تكون زوجة ثانية سريّة، اعترفت أثناء التحقيق بقتل الزوجة الأولى لكي تحمي حبيبها، بعد أن ترجّاها الاعتراف على نفسها حتّى لا يتم توجيه إصبع الاتهام له ويُصدر حكم الإعدام في حقه، واعداً إياها بعدم التخلّي عنها والوقوف إلى جانبها حتّى النهايةّّ.
للأسف تملّص الزوج من وعوده بعد صدور الحكم، تاركاً إياها تواجه مصيرها المحتوم بمفردها، وهو ما دفعها إلى القول في المحكمة: كنتُ ضعيفة أمام ناصر لأنني أحببته. لستُ قاتلة. أنا عاشقة خُدعت بالحب والعشق”.
كانت هناك ثغرات قانونيّة كثيرة في ملف “شهلا”، وهو ما أدّى إلى اختلاف قضاة محكمة التمييز على اعتبارها مذنبة لعدم توفّر الأدلة، مع هذا تم تنفيذ عقوبة الإعدام فيها.
لكنني لستُ في موضع السؤال عن قاتل الزوجة الأولى! ولكنّي حزينة على توريط أي امرأة باسم الحب في تسطير خاتمة مأساويّة لها. وقصة “شهلا” تتكرر كل يوم بهيئة وبشكل مختلفين في كافة مجتمعات الدنيا، وتبقى المرأة هي المخلوق الأضعف في تلبية نداء قلبها! وحكاية المرأة التي تدفع الأثمان لالتزامها بقوانين الحب وتمسكها ببنوده وإيمانها بمبادئه لم تعد نادرة الحدوث!
مشهد المرأة العاشقة حتّى الثمالة، والرجل الذي يتنكّر لحبّه، سيظلُّ قائماً حتّى تقوم الساعة. تُرى من الملام في حقيقة الأمر؟! هل هي المرأة التي تثق ثقة عمياء في حبيب عمرها، ضاربة بعرض الحائط تجارب جدّاتها الأليمة؟! هل الحب نفسه هو الملام كونه يُغري المرأة بوعوده المعسولة، إلى أن تهلك على يدي أحد المخادعين وهو لاه عنها؟! هل الرجل هو الملام كونه يُقدّس ذاته، ويتبرّأ من حبه، ويعتبره لقيطاً لا يستحق أن يمنحه اسمه، حين يكتشف أنه فقد صلاحيته في حياته! حتّى وإن رأى البعض أن اللوم يقع على كافة الأطراف، إلا أنَّ الرجل هو المُلام الأكبر كونه الأقدر في السيطرة على دقّات قلبه مهما استرحمته!.