“اسمي خان”
“اسمي خان”
الأحد 13/6/2010
تتخلل كافة الأفلام الهندية الموسيقى والرقص، بجانب حرص مخرجيها على خلق مناخ عاطفي يندر أن نراه متواجدا على أرض الواقع، وهو ما يُميز السينما الهندية عن غيرها من سينمات العالم. ورغم أنني لست من هواة مشاهدة الأفلام الهندية فإنني حرصتُ على مشاهدة فيلم “اسمي خان” بعد أن ذاع صيته وتمّ تصنيفه كأفضل أفلام 2010
الفيلم يتناول قصة التمييز العنصري في بلاد العم سام بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر. قد يرى البعض بأن تناول هذا الحدث قد اُستهلك في السينما الأميركيّة، ولكن ما يُلفت الانتباه في هذا الفيلم، تناوله القضية من الناحيتين العاطفيّة والاجتماعيّة، حيث جعل المخرج بطل فيلمه يُعاني من مرض التوحّد المُصاب به ملايين الناس في العالم، وإظهار مريض التوحّد على أنه إنسان يتمتّع بذكاء حاد يُمكّنه من الاندماج داخل مجتمعه.
بطل الفيلم نجم الهند العالمي “شارو خان” المسلم الديانة، سبق وأن تعرّض للتوقيف في مطار نيويورك وأُخضع للاستجواب ساعات طويلة من قبل السلطات الأميركيّة بسبب ديانته، رغم كونه أكثر النجوم شعبيّة في الهند. قائلا في مؤتمر صحفي عقده عند عرض الفيلم:”هذا هو العالم الذي خلقناه بأيدينا، إلا أن الوقت قد حان لنقوم بتغييره. قد تبدو هذه العبارة حالمة، إلا أننا يجب ألا نحكم على الآخرين من خلال مظهرهم أو دينهم”.
عادت بي الذكرى إلى الوراء، وأنا أتابع مشاهد الفيلم. كنتُ قد سافرتُ إلى أميركا في ذروة الأزمة، وكانت المرة الأولى التي يأمرني فيها حرّاس أمن المطار بخلع حذائي. شعرت حينها بغصة في حلقي، لكن مع الوقت أعتدتُ على هذا الوضع وصرتُ أخلع حذائي بتلقائيّة في كل مطار أوروبّي أمرُّ عليه.
يحكي الفيلم قصة رضوان خان، وهو هندي مسلم من مومباي، يعاني من مرض التوحد، يتزوج من سيدة هندوسية مطلقة ولديها طفل واحد. على خلفية أحداث الحادي عشر من سبتمبر ترتفع نبرة التمييز العنصري ضد المسلمين داخل أميركا، مما يؤدي إلى مقتل طفل زوجته الذي يحمل اسم خان بعد زواجه منها على يد عنصريين، وهو ما يؤدي لاحقاً إلى انفصاله عنها بعد أن تشكّلت لديها قناعة بأن اقترانها به تسبّب في مقتل ولدها. لحظتها يقرر خان السفر للقاء رئيس الولايات المتحدة الأميركية لتبرئته من تهمة الإرهاب مما يُثير حوله الشبهات ويُعرضه للاستجواب من قبل السلطات لينتهي به الأمر كسجين في معتقل جوانتانامو.
الفيلم كعادة أغلبية الأفلام الهندية يتجاوز مدة عرضه ساعتين ونصف، مع هذا لا يشعر المشاهد بالملل بسبب تلاحق الأحداث، وبراعة الممثل “شارو خان” في تقمّص دوره. ليجد المشاهد نفسه يتعايش مع كل موقف يمر به البطل إلى لحظة ظهور كلمة النهاية.
كثيرا ما تساءلت وأنا أشاهد أفلاماً أميركية الصنع تتحدّث عن قضايانا من وجهة نظر أميركيّة، أين المنتجون العرب؟! لماذا يفتقدون إلى الحماس في إنتاج أفلام قد تُحسّن من نظرة الآخرين لنا، والتي تردّت مع ارتفاع نبرة العنف في بلداننا وبزوغ نجم التطرف الديني في مجتمعاتنا؟!
إذا كان تبرير المنتجين العرب بأن “الجمهور عايز كده” في عزوفهم عن تبنّي هذه النوعيّة من الأفلام! إذن ما قولهم في أن هذا الفيلم حقق إيرادات عالية. لماذا الهرولة فقط لإنتاج أفلام ومسلسلات مكررة لا تُسمن ولا تُغني عن جوع وإهمال قضايانا الرئيسيّة؟! أليس الفن رسالة قبل كل شيء؟ سؤال للمنتجين ورجال الأعمال العرب.