” كليوباترا ” في عيد الحب
” كليوباترا ” في عيد الحب
الجمعة 23/2/2007
احتفل العشّاق بعيد الحب “فالنتاين”، الذي تمَّ بمباركة اجتماعيّة في بقاع كثيرة من العالم، مع رفض ديني في عدد آخر من الدول العربية والإسلامية، على اعتبار أنه تقليد غربي! ووسط هذا المد والجزر بين القناعة الراسخة بهذا اليوم، وبين وجوب التصدّى له، ومحاربته كمفسدة اجتماعيّة، فجَّر علماء الآثار في بريطانيا خبراً يتضمّن العثور على قطعة أثرية، لعملة معدنية، تحمل رسماً للملكة “كليوباترا”، أشهر ملكات مصر، يُظهرها على أنها امرأة دميمة، بأنف طويل معقوف، وذقن طويل، وجبين ضيق، وعينين صغيرتين غائرتين، مما شكّل صدمة للكثيرين الذي يرون أن هذه المرأة تُجسِّد الأنوثة الطاغية بكل معانيها، بجانب جمالها الباهر، وشبابها الغض، حيثُ إنها لم تكن قد تجاوزت وقتها العشرين من عمرها.
ترجع شهرة هذه الملكة ليس لكونها تُمثّل آخر ملوك البطالمة، ولكن لأن هذه المرأة ارتبط اسمها بأهم رجلين في روما وقتها، “يوليوس قيصر”، ومن بعده قائده القوي “مارك أنطونيو” الذي هامَ في حبها، وآثر البقاء بقربها، مضحيّاً بعرش روما وبكل نسائها.
أغلبية النساء ممن قرأن قصة “كليوباترا”، أو زرن المتاحف التي تُبرز عصرها، تمنيّن في قرارة أنفسهن أن يحظين ولو بجزء من حظ هذه المرأة، متسائلات بنغمة يغلب عليها الفضول.. ما الطرق التي قامت بها هذه المرأة لكي تسقط في حبائلها هذين الرجلين المهمين، وتحظى بهذه المكانة الكبيرة داخل قلب كل منهما؟! هل لكونها من سلالة الملوك؟! هل هو الجمال؟! الفتنة؟! الإغراء؟! السحر؟! حيثُ إن قدماء المصريين من المعروف عنهم براعتهم في أعمال السحر، ووجود الكثير من الكهنة والعرافين الذين شكّلوا ما يُسمى بأسطورة “لعنة الفراعنة”.
كافة المراجع التاريخية، والدراسات التي أجراها عدد من الخبراء، أثبتت أن حديث كليوباترا هو الذي شكّل نجاحها أكثر من ملامحها! مما يعني أن المفهوم السائد حول ارتباط حب الرجل بجمال المرأة، ليست حقيقة مطلقة! وأن أنوثة المرأة الطاغية، لا تُعدُّ مقياساً لسقوط الرجل صريعاً تحت قدمي المرأة! بل هو انجذاب وقتي سرعان ما يتبخّر بمجرد انطفاء الرغبة، ويؤكد من جانب آخر على أن الإنسان رجلاً كان أم امرأة، بحاجة إلى خلق لغة سحرية للكلام، تُمكنه من التواصل مع الطرف الآخر والتأثير عليه.
لقد ربطتُ لاشعوريّا بين شخصية “كلبوباترا” الآسرة، وبين “شهرزاد” البطلة الأسطورية في قصص ألف ليلة وليلة، التي نجحت بفضل مهارتها في سرد الحكايات على مدى ألف وليلة وليلة، في إبعاد سيف الجلاد عن رقبتها، بل وتحرير شهريار من عقدة كرهه الشديدة للمرأة، التي كانت تُمثل بالنسبة له الخيانة بكافة صورها، مما يعني أن فن الحكي كان الوسيلة الناجحة، التي لجأت إليها شهرزاد لتنقذ رقبتها من هذا المصير الحتمي.
أرى أن في قصتي “كليوباترا” و”شهرزاد”، دعوة ضمنية للمرأة، أن تعتني بتثقيف عقلها مثل عنايتها بجمالها وأنوثتها، بل إن جمال المرأة سريع الذوبان، وعمر شبابها قصير، مقابل حلاوة روحها، مما يستلزم منها تعلّم فن الحكي، لتجذب الرجل إليها، وتُقرِّبه منها، وتجعله دوماً مأخوذاً بها.
من الممكن أن تصبح أي امرأة “كليوباترا” عصرها، بعوامل بسيطة تنصبُّ في تحريك عقلها النائم، وتنمية الجوانب الإيجابية في شخصيتها، ليس من أجل استقطاب صف من الرجال، وإنما من أجل نفسها أولاً، وحياتها الأسرية والاجتماعية ثانياً. وعليها أن تتذكّر دوماً أن “كليوباترا” ربما كانت محظوظة بحب “مارك أنطونيو” لكن أطماعها الذاتيّة قتلتها في نهاية الأمر!!.